اليدين المصليتين
فى قرية قريبة من بلدة نورمبرج الأوروبية، فى القرن الخامس عشر، عاشت عائلة مكونة من أب و أم و ثماني عشر طفلاً. نعم ثماني عشر و لذا كانت ظروفهم المادية فى غاية الصعوبة. و لكن ذلك لم يمنع الأخوين الكبار من حلم كان يراودهم... فالاثنين موهوبين فى الرسم، و لذا حلموا بالانضمام للدراسة فى أكاديمية الفنون فى نورمبرج. كان حلم لأنهم علموا إن والدهم لن يستطيع أن يتكفل باحتياجاتهم المادية وقت الدراسة.
وأخيراً، توصلوا إلى حل بعد مناقشات طويلة امتدت لساعات الفجر المبكرة لأيام عديدة....
يلقون قرعة!!!
الخاسر يذهب للعمل فى المناجم و يتكفل بمصاريف أخوه الفائز لمدة أربعة سنوات هي فترة الدراسة فى الأكاديمية.
و بعدها يذهب الآخر ليدرس و يتكفل به أخوه ببيع الأعمال الفنية أو بالعمل فى المناجم لو استدعت الضرورة.
و بعد القداس يوم الأحد، ألقوا القرعة!!!
و فاز بها ألبرت دورير، و هكذا ذهب إلى الأكاديمية، و أما أخوة فذهب إلى المناجم ليعمل فيها أربعة سنوات.
منذ البداية كان واضحاً أن ألبرت سيكون له شأن عظيم فى عالم الفن، و عندما حان وقت تخرجه، كانت لوحاته و تماثيله تدر عليه دخلا وفيراً.
عاد ألبرت إلى قريته بعد غياب 4 سنوات وسط احتفال هائل؛ و صنع له أهله وليمة كبيرة.
و عندما انتهوا من الطعام، وقف ألبرت و قال: "يا أخي الحبيب، الرب يباركك و يعوضك عن تعب محبتك لي. لولاك ما استطعت أبداً أن أدرس فى الأكاديمية، و الآن لقد حان دورك فى الذهاب و أنا سأتكفل بمصاريفك، فلدى دخل كبير من بيع اللوحات".
التفتت الأنظار ناحية الأخ منتظرة ما سيقوله.
و أما هو فهز رأسه ببطيء و قال: "لا يا أخي، أنا لا أقدر على الذهاب الآن. انظر إلى يدي و ما فعلته بهما 4 سنوات من العمل فى المناجم. لقد تكسر الكثير من عظامها الصغيرة، لا يا أخي، فأني لا أقدر على الإمساك بفرشاة صغيرة و التحكم فى الخطوط الدقيقة".
و فى يوم مر ألبرت على حجرة أخية، فوجده راكعاً يصلى و يداه مضمومتان؛ فاستوقفه المنظر و شعر برهبة شديدة.
و هنا أخذ أدواته و رسم تلك اليدان، كتكريم للمحبة الباذلة التي لا تفكر فى نفسها.
و أسمى اللوحة "اليدان"، و أما العالم فأذهله الرسم و أعاد تسمية اللوحة ب "اليدان المصليتان" أو Praying hands.
لقد مر على هذه الأحداث حوالي 5?? عام، و أعمال هذا الفنان منتشرة فى متاحف كثيرة، و لكن معظمنا لا يعرف من أعماله سوى هذه اللوحة الرائعة.
عندما ترى هذه اللوحة تذكر:
كل يد قدمت لك خدمة،
كل يد ضحت من أجل راحتك،
كل يد بذلت نفسها من أجلك،
و فوق الكل....
تذكر يدي الرب يسوع المثقوبتين من أجلك.
منقوول