ذكرى صديق ,وأخ غالى
من الحروف خلقت النور،
والألم،
والسعادة .
بنيت صرحاً شامخاً للفن،
أعطيت للحرية لوناً لا يبحث عن لون،
شتّت الظلام،
لأنك تعرف معنى النور،
يا ألهى مخلصنا
تألمت إنساناً،
فعرفت كيف يعبر عن الألم،
تغربت،
فأدركت معنى الانتماء.
أوهمونا أننا شجر بلا جذور.
فكشفت- فناناً- عن الحروف- الجذور!
وأبدعت - ملهماً- من الموات المضمون والشكل،
الصورة والإنسان .
كل كلامك يا ألهى، تعابير وقراءات،
للعيون المبصرة، والأرواح الطاهرة.
لأنك إنسان أدرك مدى فداحة الجذب.
الذي خلفته قرون الانغلاق.
أبدعت من فننا فنا،
ومن ماضينا حلما،
وللأجيال الحاضرة والمقبلة طريقاً،
زواج بين الأصالة والحداثة،
بين النحن والآخر،
جعلت لكل ظلام نهاية من نور.
لأنك فنان،
إنسان،
يحب الإنسان،
يؤمن بالإنسان.
وفقدناك!
يا حبيبى!
فقدنا كلماتك الطيبة،
نضالك المستميت،
بسماتك الحبيبة،
حضورك القويّ الرائع،
في كل الاوقات.
فقدنا بفقدك صديق واخو،
من الحياه،
وهي خسارة لا تقدر،
بدموع ولا بألم !
وأناديك،
ونحن نستقبل ذكرك،
بكلمات صامتات،
هي الدموع وهي الألم،
وأتذكر ..
أحلاماً ترسمها ريشة،
وأخرى يخطها قلم،
ونتحدث، ونتحدث، بلا أصوات،
ونبحث، ونبحث...
كل منا في أبعاد كيانه المتصل بالكون.
والسؤال يبقى قائماً، رهيباً،
كالأبد!:
إيّ موجة جاءت بهذا السواد، إلى ضفافنا الضاحكة.؟
أيّ مد دفعه؟
هل المدن البيضاء محكوم عليها بالسواد؟
هل الأحلام الخضراء محكوم عليها بالحصاد؟
هل الوجوه السمراء هي وجوه حداد؟
لا تحيا إلا تحت استعباد أو استبداد؟
أو تحت رايات جهاد؟
وأتذكر...
أحاديث تبادلناها،
بلا كلمات:
لماذا شبابنا والفتيات،
تغتال على شفاههم البسمات؟
ينزع من نظراتهم حلم الحياة،
وتقدم لهم جنات محنطات؟
والسؤال يبقى منتصباً،
كأن لم يوجد يناير،
ولا وجد أبريل!
لماذا عصافير الحرية تهجر أوكارها؟
لماذا الليل الطويل يلد الأفجار الكاذبة؟
لماذا مناجل الفلاحين تنصب أهلة على القبور؟
لماذا إذن يناير؟
لماذا إذن أبريل؟
لماذا ...
لماذا صار للعدم معنى أكبر من معنى الوجود؟
لماذا الفناء خير من الوجود؟
أيّ لعنة ورثناها؟
أيّ جريمة ارتكبناها؟
إننا لم نختر المجيء
فبأيّ مبرر نختار الذهاب؟
ولدنا،
لم نجد أمامنا سوى المستقبل.
ماضينا عاشه غيرنا،
لماذا نحيا حياة ليست لنا؟
لماذا نترك أحلامنا تتحول إلى كوابيس؟
أنت يا حبيبى.
وجدت الطريق،
بالحروف القديمة أبدعت المستقبل الجديد!
بالحب عبرت عن سعادة الإنسان،
وبالألم، عبرت عن سعادة الخطأن!
جمعت بين الثلاثة : الألم، السعادة ،والحب،
جمعت بين اللازمين: الماضي والمستقبل،
لأن كل حاضر بدونهما لا يكون،
كم أنت حاضر، ياحبيبى!
في قلوب من عرفوك.
في عيون من قرؤوك!
كم أتألم وأنا أتذكر أحاديثك الطيبة البسيطة،
أحاديث الإنسان وكائنه فنان،
حتى عندما تغضب،
كنت تنفعل بالبسمات،
لكنك، كم كنت صلباً عنيداً،
لأنك حنون،
ماالحب بدون فن ونور؟
وتقبل ذكرى رحيلك الاولى،
ونقف خاشعين،
متألمين، متحسرين،
كم هي خسارة فادحة،
أن نفقدك،
أيها الحاضر الغائب،
أيها الأخ الطيب،
أيها الصديق الرفيق!
اخيك أنسان