سعد صبي معاق منذ الولادة جسمه مشوه وهو مصاب ببعض التخلف العقلي مريض على الدوام ارسلاه والده الى المدرسة للتعلم ولما بلغ 12 سنة كان مايزال في الصف الثاني الابتدائي وكانت معلمته غالبا" ما تنفعل بشأنه وتثور اعصابها اذ لم يكن قادرا" أن يبقى جالسا" لحظة واحدة على كرسيه وفي بعض الاحيان كان يبدو كما لو ان دماغه صحا فجأة وبدأ يتكلم بوضوح وهذا ما كان يثير غضب معلمته.
دعت معلمته والداه الى الحضور الى المدرسة للتكلم بشأن ابنهما المعاق فعندما حضرا الوالدان جلسا في غرفة الادارة وابتدأت المعلمة بالكلام وقالت لهما يجب نقل سعد الى مدرسة خاصة اذ ليس من الصحيح ان يبقى مع اطفال طبيعيين فهناك فرق بينه وبينهم خمسة سنوات فأخذت الوالدة بالبكاء وشرع الوالد يقول (( ست لايوجد في منطقتنا مدرسة خاصة للمعاقين ولسنا اغنياء وسوف يصطدم سعد اذا اخرجناه من هنا )) صمتت المعلمة برهة وهي تنظر من الشباك الى الساحة حيث الاولاد يلعبون وشعرت حينئذ بانه لاينبغي ان تكون بكل هذه القساوة فقالت في نفسها (( ياألهي انا اشتكي في حين لاتعد مشاكلي شيئا" مقارنة بمعاناة هذه العائلة ياألهي ساعدني كي اكون صبورة )) فبعد هذا الكلام ودعت والدي سعد بابتسامة وهي مصممة ان تعمل جهدها لتتجاهل ضوضاء الصبي .
وجاء الربيع وكان الاطفال يستعدون الى عيد الفصح حكت المعلمة للاطفال في درس الدين قصة يسوع ولكي تقرب من اذهانهم اهمية عيد القيامة اعطت لكل واحد منهم بيضة كبيرة من البلاستك وقالت لهم (( أريد من كل واحد أن يأخذها الى بيته ويعود بها غدا" وقد وضع فيها شيئا" يمثل حياة جديدة)).
في ذلك المساء انشغلت المعلمة بأمور البيت ولم تستطع ان تكلم والدي سعد بخصوص البيضة وفي اليوم التالي حضر الاطفال وهم فرحين الى المدرسة فجمعوها في سلة كبيرة ووضعوها امام المعلمة وشرعت المعلمة في فتح البيض لرؤية ما وضعه الاطفال فيها ففتحت الاولى ورأت فيها زهرة فقالت بالتأكيد الزهرة هي علامة الحياة الجديدة وبها نعرف الربيع وفتحت الثانية ورأت فيها فراشة من البلاستك وقالت نعلم ان الشرنقة تتحول الى فراشة وهذه تعني حياة جديدة ووصلت المعلمة الى بيضة هاني ففتحتها وشهقت لانها كانت فارغة فقالت في نفسها لايصح بي ان اسأله امام التلاميذ لانه حتما" لم يكن يفهم التعليمات فاغلقتها وأعدتها الى مكانها فبادر هو بالسؤال يامعلمة لماذا لم تساليني ماذا وضعت في بيضتي فقالت له ولكن ياسعد بيضتك فارغة فنظر الى عينيها وقال بهدوء نعم (( ولكن قبر يسوع كان ايضا" فارغا" )) فتوقف الزمن ولم تتمكن المعلمة ان تقول شيئا" وسألته هل تعرف لماذا كان قبر يسوع فارغا" قال لها (( نعم ...نعم قتلوا يسوع ووضعوه في القبر ثم أقامه ابوه )) وهنا قرع الجرس وبدأ الجميع بالخروج ولم يبقى في الصف سوى المعلمة وهي تبكي ذابت فيها كل مشاعر البرود تجاه الصبي وتبخرت ، وبعد ثلاثة أشهر توفي سعد وكم كانت دهشة حفار القبور عندما راى على تابوته بدلا" من الورود بيض فارغ.