هانى
يحتفل المسيحيون الشرقيون بعيد القيامه المجيد يوم الأحد27ابريل ويحتفل جميع المصريون بشم النسيم فى اليوم التالى . وهذا التوقيت غير ثابت بمعنى أنه فى كل عام يأتى فى يوما مخالفا لأن التقويم فى هذه الحاله يتبع السنة القمرية . ولكن السؤال الذى يطرح نفسه . لماذا دائما شم النسيم يأتى فى اليوم التالى لعيد القيامة ؟ وهل هذا أيضا يتبع الحسابات الفلكيه أم أنه ترتيب عادى لايخضع للفلك .؟ أيضا لماذا يصوم المسيحيون قبل هذا العيد ؟ ومامعنى اسبوع الآلام ؟ ومامعنى كلمة شم النسيم ؟ ولماذا البيض الملون والفسيخ والخس ؟ ولماذا يستيقظ المصريون مبكرا فى هذا اليوم ويتجهون الى النيل ؟ كلها أسئله منطقيه واجاباتها جميله وسهله وان كان لها دلاله فهى تدل على عمق مشاعر الشعب المصرى وبساطته وايمانه بحضارته الممتده وتمسكه بعاداته وتقاليده المتوارثه عبر الأزمنه المختلفه . فى البدايه يأتى عيد القيامه بعد الصوم الكبير . والصوم الكبير يسمى كبيرا لطول مدته وهى خمسه وخمسين يوما . وأيضا لأهميته حيث يعتبر أهم الأصوام فى المسيحيه . والصوم هو أقدم وصيه عرفتها البشريه . عندما أمر الله آدم أن يمتنع عن الأكل من شجره معينه وسمح له بالأكل من باقى أشجار الجنه . والصوم فى المفهوم الكنسى هو انقطاع المؤمن فتره من الوقت عن الطعام يعقبه تناول أطعمه خاليه من الدسم الحيوانى . . لأن الله خلق الانسان نباتيا .فآدم وحواء لم يأكلا سوى البقول والأثمار . ثم عشب الحقل وكان يقصد به الخضروات . ولم يصرح للأنسان ان يأكل اللحم الحيوانى الا بعد الطوفان . أيام نوح . والصوم الكبير ثلاثة مراحل الأسبوع الأول وهو استعداد للصوم . ثم الأربعون يوما التاليه وهى كمثل التى صامها المسيح على الأرض . ثم أسبوع الآلام والذى يبدأبعد صلاة أحد السعف ويشمل ثلاثة أيام البصخه (الأثنين والثلاثاء والأربعاء ) ثم خميس العهد والجمعه العظيمه وسبت النور ثم أحد القيامه . ويوم أحد السعف هو يوم دخول المسيح أورشليم حيث أستقبله الشعب بسعف النخيل هاتفين مبارك الآتى بأسم الرب . ثم تتشح الكنيسه بالسواد .... ولايدخل أحدا الى الهيكل . وتستمرهذه الحاله أيام الأثنين والثلاثاء والأربعاء حيث يتم فيها صلوات البصخه . وهى كلمه يونانيه بمعنى عبور فى العربيه وفصح فى العبريه . ثم يوم خميس العهد وتتم فيه الصلوات واقامة القداس من داخل الهيكل رمزا للعشاء الأخير للمسيح مع تلاميذه وخيانة يهوذا له حيث سلم المسيح بثلاثين من الفضه بوشايه من رؤساء الكهنه اليهود. ثم أحداث الجمعه العظيمه ومحاكمة المسيح وصلبه . وتنتهى صلوات يوم الجمعه فى السادسه مساءا . ويسهر المسيحيون فى الكنيسه ليلة السبت من ليل الجمعه حتى فجر السبت فى سهره روحانيه وكأنهم بجوار قبر المسيح . ثم سبت النور وفيه تبدأ الصلوات فى حوالى الثامنه مساءا وحتى الساعات الأولى من فجر يوم الأحد وهو يوم عيد القيامه . وقيامة المسيح رمزا لأنتصاره على الموت ولذلك يعتبر المسيحيون الموت انتقالا وليس موتا . أما شم النسيم فهو عيد مصرى قديم يرجع تاريخه الى أكثر من خمسة آلاف عام . وكلمة شم النسيم كلمه مصريه قديمه ترجمتها ( بساتين الزروع ) وتنطق (شمو النسيم ) شمو بمعنى بستان . سيم بمعنى الزروع مع علامتى الاضافه والجمع . وشم النسيم هو عيد يرمز عند القدماء الى بداية الزمان حيث الاعتقاد بأن الزمان بدأ فى مثل هذا اليوم . وأيضا يرمز الى بعث الحياه وبداية الربيع . وكان القدماء المصريون يحددون هذا اليوم بتساوى الليل والنهار وقت حلول الشمس فى برج الحمل . وعند غروب الشمس فى ذلك اليوم حينما يظهر قرص الشمس مقتربا تدريجيا الى قمة الهرم . فتبدو واجهه الهرم الأكبر وكأنها منقسمه الى قسمين يحدث هذا سنويا فى مساء يوم 21 مارس من كل عام . واستمر الاحتفال بشم النسيم فى هذا اليوم حتى دخلت المسيحيه مصر على يد القديس مارمرقس الرسول وكان دائما يأتى يوم 21 مارس فى فترة الصوم الكبير ولأن هذا العيد يمثل للمصريين قيمه عظيمه ولأن فترة الصوم لاينبغى اقامة الاحتفالات فيها . لذلك تأجل الاحتفال بشم النسيم الى يوم الأثنين التالى مباشرة لأحد القيامه حتى يتسنى للمصريين الاحتفال به بالشكل اللائق . وبرغم ان شم النسيم هو عيد مصرى صميم الا أن اليهود أيضا يحتفلون به . ويرجع هذا الى تأثرهم بالعادات المصريه حينما كانوا يعيشون فى مصر . وهناك رأى آخر يقول ان سر احتفال اليهود بيوم شم النسيم هو اعتقادهم ان خروجهم من مصر على يد موسى النبى كان فى يوم شم النسيم حيث كان المصريون مشغولين باحتفالاتهم . ويتناول المصريون فى ذلك اليوم أطعمه معينه مثل البيض والاسماك المملحه كالفسيخ والملوحه وهى أكلات مصريه لامثيل لها فى العالم . ويشتهر بها صعيد مصر وهى من الموروثات الفرعونيه . كما يتناول المصريون فى ذلك اليوم الخس والملانه والبصل ولكل نوع من هذه الأطعمه دلاله خاصه . فالبيض يرمز الى خلق الحياه وبدايتها وقد كان القدماء ينقشون على البيض دعواتهم وأمنياتهم للعام الجديد ويضعون البيض فى سلال من سعف النخيل تعلق على أبواب المنازل وفى الشرفات من المساء كى تقابل النور الالهى فى الفجر عند الشروق فتتحقق أمانيهم . وهى الآن تفسر لنا لماذا نلون البيض ونزخرفه برسومات فى شم النسيم . أما الاسماك المملحه وخاصة الفسيخ والملوحه فقد يرمز الى تقديس الفراعنه للنيل حيث انتشرت هذه السمكه فى النيل المقدس وأيضا لأن السمكه كانت ترمز الى الحياه عند الفراعنه . والبصل أيضا كان يعلق على أبواب المنازل وفى الشرفات وقد كان يمثل لهم الشفاء والتغلب على الأمراض وطردها ومازالت هذه العاده يستخدمها المصريون حتى يومنا هذا . أما الخس فهو من النباتات فى ذلك اليوم لأنه مقدس أيضا عند القدماء حيث يرمز الى الخصوبه . والملانه تعبر عن مقدم الربيع لأخضرارها . أما الاستيقاظ مبكرا فى الفجر والتوجه الى النيل فالفكره تعود الى ملاقاة أولى نسمات هذا الصباح والى استقبال أول ضوء وأول ضبط نور لتحقيق الدعوات والامنيات . ومازالت كل هذه العادات الجميله المتوارثه عبر الأجيال تمارس حتى اليوم .
|