زهرة البنفسج
ذهب البستاني إلى حديقته ذات صباح فوجدها ذابلة
وذات أوراق صفراء. فأنقبض صدره حزناً لأن حديقته قد صارت خراباً. فأخذ يتنقل منشجرة إلى أخرى يسألها عن الخبر، فلم تعط الأشجار جواباً. لقد كانت حزينة كسيرةالقلب.
وفي إحدى الزوايا البعيدة وجد الرجل زهرة صغيرةمن زهور البنفسج، فنظر إليها لأنها كانت تبتسم وتعبّر له عن سعادة وفرح يختلفانتماماً عمّا لاحظه في الأشجار والأزهار الأخرى في الحديقة. فاقترب الرجل من تلكالزهرة وسألها عمّا جرى للحديقة. فقالت:
كانت الحديقة عامرة زاهرة حتى وقت قريب. ثم مالبثت أن دبّت الغيرة بين أشجارها فأصيبت بالحزن، وعمّ الأسى كل الأشجار. شجرةالبلوط أمتلأت غيرة من أشجار الصنوبر لأنها ليست مرتفعة مثلها. وشجرة الصنوبر حزنتكثيراً لأنها لا تحمل عناقيد حلوة المذاق مثل أشجار الكرمة. وشجرة الكرمة أيضاًنكّست رأسها حزناً وأسى لأنها لم تكن مستقيمة الساق مثل أشجار الخوخ وغيرها. وهكذااشتعلت نيران الغيرة والأحقاد وأكلت الأشجار وشوّهت وجه الحديقة وذبلتالأوراق.
قال الرجل لزهرة البنفسج السمراء: وكيف بقيت أنتجميلة نضرة وسط هذا الموت الأصفر؟
قالت زهرة البنفسج:
كانت النار تشتعل حولي، ولكنها لم تدخل قلبي. فقد آمنت أنك سيدي وصانعي، وعلمت أنك أردتني أن أكون زهرة بنفسج قاتمة اللون، وأردتأيضاً أن يكون مكاني في ركن بعيد في طرف الحديقة لا تكاد تنظره العيون. ثم كنتسعيدة جداً لأنني حققت إرادة سيدي، ولم أفشل في أن أقضي عمري القصير حيث يريدني هوأن أكون. لذلك احتفظت بوجهي النضر وبابتسامتي العذبة.
قال البستاني:
إن الغيرة لا تنفع ولا تشبع صاحبها. إنها تؤديبه دائماً إلى الهزيمة والفشل والموت. أما القناعة فتحمي صاحبها وتملأ قلبهبالسلام، وتجعل حياته غنيّة مملوءة بالخير الوفير والكنوز الدائمة التي لا تفنى. هنيئاً لك أيتها البنفسجة، هنيئاً للّون الجميل وللإبتسامة المملوءة بالسلاموالحنان.
منقووول