كلمة منفعة لقداسة البابا شنودة
التوازن
ما أكثر الذين يتجهون فى حياتهم الروحية الى اقسى اليمين، او الى اقسى اليسار ، و يتأرجحون بين النقيضين.......
و ما أقل الذين يحتفظون التوازن ، و يثبتون فيه....
+ مثال ذلك اشخاص روحيون يصومون فى نسك شديد جدا خلال اسبوع الالام
ثم بعد ذلك فى فترة الخمسين يوما ، تنحل ارادتهم تماما ، و يأكلون بلا ضابط
و ما استفادوه فى الصوم ، يفقدونه كلية . و السبب هو عدم وجود التوازن
فى حياتهم.....
+ و نفس الوضع يعمله البعض بالنسبة الى الصمت و الكلام:
قد يسيرون فى تدريب صمت كامل ، و لا يحدثون أحدا . ثم اذا ما انتهى
التدريب ، يرجعون الى الكلام بكل أخطائه و بلا حرص . و الوضع السليم أن
يحفظ الانسان الروحى توازنه فى الصمت و الكلام . فيعرف متى يصمت
و متى يتكلم و ان تكلم فما هى حدوده فى كمية الكلام و فى نوعيته أيضا...
+ كذلك يحتاج الانسان الى التوازن فى التعامل مع الناس:
فكثيرون لا يحفظون التوازن بين الوداعة و الشجاعة فى حياتهم.
فقد يبالغون فى الوداعة حتى تتحول الى ضعف و الى ليونة فى الطبع ، أو
قد يبالغون فى الشجاعة حتى تتحول الى تهور و اندفاع .... و الوضع السليم
أن يكون الانسان الروحى وديعا فى شجاعته ، و شجاعا فى وداعته ، يمزج
الحكمة بهذه و تلك....
+ كذلك فى التربية ، التوازن بين التدليل و العنف.
البعض يرى الحب تدليلا ، و عطاء مستمر بلا حكمة و بلا ضابط ،
و حنانا يشجع على الاستمرار فى الأخطاء بغير مبالاه . فان خرج عن تدليله ،
قد يضرب فى عنف و فى كل ذلك لا توازن.
أما التوازن فهو فى الحزم المحب ، و فى الحب الحازم.
التوازن يحمل فى طياته الكثير من الحكمة ، اذ فيه فهم لما ينبغى أن يكون
فى غير مغالاة يمينية أو يسارية .
و قد قيل من بعض الحكماء ان الفضيلة هى الوضع المتوسط بين النقيضين
بين افراط و تفربط .
و التوازن يساعد على الثبات ، لأن التطرف المبنى على اندفاع لا يمكن أن
يثبت و ما أسهل أن ينقلب الى العكس .
ابحثوا عن التوازن فى كل تفاصيل حياتكم الروحية .
من كتاب كلمة منفعة الجزع الرابع.